الرجاء الانتظار...

مركز أمان للإرشاد السلوكي والاجتماعي_ علم وخبر: 2401 | أد تهتم بتعزيز الأمان الإجتماعي والأسري. من المراكز الرّائدة في حل المشكلات الأسرية والاجتماعية والمختصة في إجراء الدراسات والأبحاث المرتبطة بالظواهر الاجتماعية. نعمل معًا من أجل الوصول لمجتمعٍ آمنٍ ومطمئن.

 

بين التقليل من قيمة دور الرجل في إعالة الأسرة ووصفه بالدور الذي يعزّز استبداده وتسلّطه على الأسرة، والإحتفال باضمحلال نموذج الرجل المعيل للأسرة عبر العالم ضمن التقارير الدولية، من المهم إعادة قراءة ما أصبح يُسمى بالنماذج الإقتصادية التقليدية، والمعروفة أيضاً بالنماذج الوحدوية، التي تعدّ الأسرة وحدة متماسكة؛ تتجمع فيها الموارد ويوزّعها "رئيس الأسرة الذي يتمتع بالإيثار" وبشكل عادل على الأفراد داخل الأسرة.

ونموذج الرجل المعيل الذي يقدّمه الإسلام ليس بعيداً عن هذه النماذج، مع إضافة روحية الحضّ على التوسعة على العيال وليس فقط العدالة في التوزيع والإيثار، واعطاء الكدّ على العيال بُعد الجهاد في سبيل الله...

وعليه، وفي إطار التأسيس لقراءة مختلفة لدور الرجل المعيل في الأسرة، وفي أجواء الولادة الميمونة للإمام علي(ع) عقد مركز أمان للإرشاد السلوكي والاجتماعي ندوة علمية تحت عنوان: "الأب المعيل الرحيم" والتي حاضر فيها المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية سماحة السيد كميل باقر و مدير مركز أبحاث العلوم الانسانية والدينية في جامعة المعارف د. طلال عتريسي.

كما شرّفنا بالحضور عدد كبير من الإخوة والأخوات العاملين في الشأن الأسري والإجتماعي والتربوي.

وفيما يلي تفاصيل الندوة:

  • المحور الأول للندوة كان بعنوان "الأب الرحيم، المفهوم والدور" وقد حاضر فيه السيد كميل باقر، حيث قدّم خلال الوقت المتاح مقاربة السيد الخامنئي (دام ظلّه) للأسرة ولدور الأب المركزي فيها، حيث تحدّث سماحته أنّ بعكس المنظور الغربي الذي ينظر إلى المجتمع على أنّه مجموع الأشخاص، أن الرؤية الإسلامية ورؤية السيد القائد للمجتمع بأنّه مجموع الأسر مع بعضها البعض أي أنّ الأسرة هي خلية هذا المجتمع.

وبحسب الرؤية الإسلامية كذلك، مسألة الأسرة بحاجة لمعالجة من عدّة جوانب وليس من بُعد واحد فقط وهو بعد الواجبات والحقوق، بل ينبغي أن ننظر إلى الأسرة كأيّ قضية أخرى في الإسلام من جميع المستويات العقائدية والأخلاقية إلى جانب الأبعاد الفقهية والقانونية والحقوقية.

فمثلاً إذا أردنا تناول موضوع الإيثار في الأسرة، لا يمكن طرحه في الفقه بل ضمن إطار القيم الأخلاقية، خاصة أنّ هذه الصفة مهمة جداً. فمن دون الإيثار لا يمكن تشكيل الأسرة ولا يمكن استمرارها. وعليه، عندما نتحدث عن دور الأب في منظومة الأسرة يجب أن ننظر إليه من كل الجوانب. فكما على الأب واجبات، هناك حقوق للأب ومنشأ المشاكل في بعض الأحيان عدم مراعاة حقوق الأب. من جهة الواجبات، يمكن تقسيم دور الأب إلى ثلاث مسؤوليات، فقد لا يكون هذا التقسيم دقيقاً من الناحية العلمية ولكن من الجيد تقسيمها لفهمها بصورة أوضح:

  • المسؤولية الأولى: تأمين الحاجات المادية للأسرة، وهذا الدور واضح. فعلى الزوج واجب النفقة، وهذه النفقة لها معايير وشروط منها الكفاف والشأنية وغيرها...

ويقول السيد القائد في هذا الصدد وفي شرحه لموضوع القوامة (إنّ إدارة شؤون الأسرة هي بعهدة الرجل لأنّ معيشة العائلة بعهدته. ومهما كان للمرأة من ثروة، فهي ملك لها ومعيشة العائلة ليست على عاتقها) أي الرجل هو الذي يجب أن يدفع النفقة والتكاليف ويلبي الحاجات المادية، فلا بدّ للرجل أن يعمل.

  • المسؤولية الثانية: تلبية الحاجات الروحية والعاطفية. ومنشأ هذه المسؤولية هو من الفهم الصحيح للإنسان، أي النظر لأفراد الأسرة كإنسان لديهم حاجات مادية وكذلك حاجات معنوية وعاطفية. لذا من واجبات الأب أيضاً تلبية هذه الحاجات. ويقول السيد القائد في هذا المجال (لما كانت روح المرأة ألطف، فإنها بحاجة إلى استقرار أكثر وهي بحاجة إلى راحة وإلى ملاذ وثيق وهو زوجها، وقد جعلهما الله بجنب بعضهما البعض، هكذا الرجل في عين المرأة يُظهر الاعتماد وهو ملجأ ومعتَمَد لها) أي هو الملاذ العاطفي والروحي.

  • المسؤولية الثالثة: يمكن اعتبارها تحت عنوان البعد الثاني أي الروحي والعاطفي ولكن لأهميتها تمّ إفرادها كعنوان مستقل، وهي مسؤولية التمهيد لكل أفراد الأسرة حتى يقوموا بالدور المطلوب داخل الأسرة، أي مسؤولية الإدارة العامة للأسرة. فالأسرة هي مجال مناسب لتكامل كل أفرادها، والأب هو الذي ينظم ويشرف على عملية الرشد الحقيقي لكل أفراد الأسرة.

من جهة ثانية، أشار سماحة السيد كميل في معرض المداخلات بأننا بحاجة لفهم جديد ودقيق لموضوع الولاية، حيث العدالة شرطها الأساسي، فنحن أصحاب الولاية نعشق الولي، والولي يعشق الشعب.  وبالتالي العدالة تحمل المسؤولية وتقدير المصلحة والحكمة وهذا ما يستفاد منه في موضوع ولاية الأب وهذا بحث يحتاج إلى توسعة.

  • المحور الثاني للندوة كان بعنوان "أسرة متراحمة أساسٌ لمجتمع التراحم" حيث أجاب الدكتور طلال عتريسي على العديد من الأسئلة المتعلّقة بالتحدّيات التي تواجه الأسرة، فأبرز ما أشار إليه في هذا الصدد أنّه لا يمكن مناقشة الأدوار الأسرية للرجل والمرأة بمعزل عن المرجعية الفكرية التي نستند عليها. فالأسرة ليست ساحة صراع وتنافس أو تشكيلاً طارئاً على المجتمع، بل هي أساس نشوء المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ. كما أنّ الأسرة هي موضع رعاية وعناية إلهية وهي مشروع وكيان  محبب إلى الله قاعدته المودة والرحمة ويكره انفراطه وتفكيكه.

وركّز الدكتور على أهمية دور الأب وعلى فكرة اعتبار تراجع دور الأب من علامات التقدّم، حيث أنّ هناك من يعمل على الجانب المخادع فيربط سلطة الأب بالتسلّط.

فالأب المعيل ليس السيد المستبد الذي تخضع له الزوجة والأولاد وليس الحاكم الذي يأمر ويُطاع، بل هو الذي يبذل ما يستطيع مادياً ومعنوياً وتأديبياً لحماية الأسرة وضمان ثباتها واستمراريتها لأنها تؤسس لمجتمع التراحم.

وعليه فإنّ المصطلح الذي نحاول تكريسه هو تمكين الأسرة، أي تثبيتها، أي تمكين الرجل والمرأة والأولاد داخل الأسرة تحت سقف المودة والرحمة.

إذاً الأب المعيل هو جزء من النظام التراحمي بين الزوجين وبينهما وبين الأولاد. حتى في الإسلام ينظر إلى المجتمع بأنّ قاعدته المودّة والرحمة. فقد ورد في الحديث الشريف "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم..." ولكن هذا أساسه يجب أن يبدأ من الأسرة.

وفيما يتعلّق بضعف التراحم وتفكك الأسرة وتأثيرها على المجتمع، اعتبر د. طلال أنّ المجتمع الذي يفتقد منطق التراحم هو مجتمع يلتهم فيه الأقوى الأضعف ويسحق فيه الأسرع الأبطأ. يتحوّل المجتمع إلى أفراد يتقاتلون من أجل النفوذ والسيطرة. فعندما يغيب التراحم، سيُبيح الأقوى لنفسه الاحتلال ونهب الثروات، وهو مجتمع لا يتطلّع إلى العلاقات الأخلاقية والأخوية. من هنا أهمية تعزيز صفة الرحمة داخل الأسرة من أجل التأسيس لمجتمع التراحم.

وقد تمّ اختتام الندوة بمشاركة فاعلة جداً من الحاضرين الذين وجّهوا العديد من الأسئلة المتعلّقة بالموضوع على المحاضرين، الذين أجابوا على هذه الأسئلة وأجمعوا أنّ هذه الندوة تأسيسية من المهم استتباعها بندوات ومحاضرات تركّز على كل مفهوم من المفاهيم العديدة التي تمّ طرحها.

تاريخ النشر 2024-02-14
لملء استمارة 

انضم الى فريق التدريب

لملء استمارة 

استمارة طلب دراسة